السلام مع ألمانيا. قبل أن تنتهي الحرب العالمية الثانية قرر الحلفاء احتلالاً عسكريًا لألمانيا بعد هزيمتها، وقسموا ألمانيا إلى أربع مناطق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا وفرنسا، فيحتل كل منها منطقة، وأرادت القوى الأربع مجتمعة تقسيم برلين فيما بينها. وفي مؤتمر بوتسدام في يوليو 1945م حدد الحلفاء سياسة الاحتلال التي سينتهجونها، واتفقوا على إلغاء القوات المسلحة الألمانية وتجريم الحزب النازي، وفقدت ألمانيا أراضي شرقي نهري الأودر ونيس، وذهبت معظم المنطقة لبولندا. واستحوذ الاتحاد السوفييتي على الركن الشمالي الشرقي من المنطقة.
قدم الحلفاء القادة النازيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب للمحاكمة وأماطت المحاكمات اللثام عن الآثام والفظائع التي ارتكبتها ألمانيا النازية، وأجريت أهم محاكمات الحرب في المدينة الألمانية نورمبرج من 1945 إلى 1949م.
وبعد أن بدأ الاحتلال مباشرة أوقف الاتحاد السوفييتي تعاونه مع الحلفاء الغربيين، وسدّ الطريق أمام كل الجهود لتوحيد ألمانيا، وبالتدريج ضم الحلفاء مناطقهم في منطقة اقتصادية واحدة، ولكن الاتحاد السوفييتي رفض ضم منطقته، وظلت مدينة برلين في عمق المنطقة السوفييتية في ألمانيا. وفي يونيو 1948م فكر الاتحاد السوفييتي في أن يطرد القوى الأوروبية من برلين وأن يسد كل الطرق والسكك الحديدية والطرق المائية المؤدية إلى المدينة، وظل الحلفاء لمدة أكثر من سنة يمدون بالجو برلين بالطعام والوقود والمواد الأخرى، وأخيرًا رفع الاتحاد السوفييتي حصار برلين في مايو 1949م وانتهى الحصار الجوي في سبتمبر.
أقام الحلفاء الغربيون أحزابًا سياسية في مناطقهم، وأجروا انتخابات. وفي سبتمبر 1949م انضمت المناطق الثلاث الغربية تحت اسم جمهورية ألمانيا الاتحادية، وأصبحت تعرف بألمانيا الغربية. وفي مايو 1955م وقع الحلفاء الغربيون معاهدة تنهي احتلال ألمانيا الغربية وتعطي البلد استقلالاً كاملاً، لكن المعاهدة لم تكن سلامًا كاملاً، لأن الاتحاد السوفييتي رفض توقيعها.
وأقام الاتحاد السوفييتي حكومة شيوعية في منطقته، وفي أكتوبر 1949م أصبحت المنطقة السوفييتية تعرف باسم جمهورية ألمانيا الديمقراطية وسميت أيضًا ألمانيا الشرقية، وظلت السيطرة السوفييتية على ألمانيا الشرقية قوية بعد أن أصبح البلد مستقلاً رسميًا في سنة 1955م، ولم تخف تلك السيطرة إلا في الثمانينيات قبل أن تتحد الألمانيتان بفترة قصيرة
السلام مع اليابان. بدأ الاحتلال العسكري لليابان في أغسطس 1945م، وكان عدد الأمريكيين يفوق القوات الأخرى في مناطق احتلال الحلفاء، بسبب الدور المهم الذي قامت به بلادهم في هزيمة اليابان. أدخل الجنرال ماك آرثر كقائد أعلى لأمم التحالف، إصلاحات استهدفت تخليص اليابان من نمو سياستها العسكرية، وتحويلها إلى بلد ديمقراطي. ووضع دستورًا في سنة 1947م نقل بموجبه كل الحقوق السياسية من إمبراطور اليابان إلى الشعب، كما أعطى الدستور حق التصويت للمرأة، وأنكر حق اليابان في أن تعلن حربًا.
وقدمت قوات الاحتلال الحليفة للمحاكمة 25 يابانيًا ممن كانوا قادة عسكريين أو مسؤولين حكوميين ممن اتهموا بارتكاب جرائم حرب، ونفذ الحكم بالإعدام في سبعة منهم، وأرسل الباقون إلى السجن.
في سبتمبر 1951م وقعت الولايات المتحدة ومعظم أمم التحالف معاهدة سلام مع اليابان، واقتطعت المعاهدة أراضي الإمبراطورية الواقعة خارج اليابان، لكنها سمحت لليابان بأن تعيد تسليح نفسها، وانتهى احتلال الحلفاء لليابان بعد أن وقعت الدول معاهدة الصلح. ورغم ذلك فإن معاهدة جديدة قد سمحت للولايات المتحدة أن تبقي قوات لها في اليابان، ووقعت حكومة الصين الشعبية معاهدة صلح مع اليابان سنة 1952م، ووقع الاتحاد السوفييتي واليابان معاهدة منفصلة في سنة 1956م.
السلام مع أقطار أخرى. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بفترة قصيرة، بدأ الحلفاء رسم معاهدات صلح مع إيطاليا وأربعة من الأقطار الأخرى التي قاتلت مع المحور، وهي بلغاريا وفنلندا والمجر ورومانيا، وحددت المعاهدات القوات المسلحة للأقطار المهزومة، وألزمتها بدفع تعويضات حرب، وألزمت المعاهدات بعمل تغييرات إقليمية، فتنازلت بلغاريا عن أراض لليونان ويوغوسلافيا، وحازت تشيكوسلوفاكيا أراضي من المجر، وفقدت فنلندا أراضي ضمها الاتحاد السوفييتي، وتنازلت إيطاليا عن أراض لفرنسا ويوغوسلافيا واليونان، وفقدت إمبراطوريتها في شرق إفريقيا، وحصلت رومانيا على أراض من المجر، ولكنها في المقابل أعطت أراضي لبلغاريا والاتحاد السوفييتي.