دخلت القوات الألمانية باريس في 14 يونيو 1940م. وكانت الحكومة الفرنسية قد هربت من العاصمة من قبل. وأصبح بول رينو رئيسًا لوزراء فرنسا في مارس. أراد رينو أن يستمر في الحرب، لكن كثيرًا من جنرالاته وهيئة القيادة العسكرية اعتقدوا أن المعركة من أجل فرنسا قد خسرت واستقال رينو، ووافقت حكومة فرنسية جديدة على هدنة في 22 يونيو.
وبموجب شروط الهدنة احتلت ألمانيا ثلثي الشمال من فرنسا وشريطًا على طول المحيط الأطلسي غربي فرنسا، وظل جنوب فرنسا تحت الإدارة الفرنسية. وأصبحت فيشي عاصمة الأجزاء غير المحتلة من فرنسا. وترأس المارشال هنري بيتان، وهو بطل فرنسي في الحرب العالمية الأولى حكومة فيشي، وتعاون إلى حد كبير مع الألمان، وفي نوفمبر 1942 م احتلت القوات الألمانية فرنسا كلها.
هرب أحد ألوية الجيش الفرنسي إلى بريطانيا ذلك هو شارل ديجول الذي حث الشعب على أن يستمر في القتال ضد ألمانيا عبر الإذاعة الموجهة إلى فرنسا، وعرفت القوات التي تجمعت حول ديجول بقوات فرنسا الحرة.
معركة بريطانيا. اعتقد هتلر أن بريطانيا سوف تبحث عن السلام مع ألمانيا بعد سقوط فرنسا، لكن بريطانيا حاربت وحدها. وأعد هتلر الاستعدادات لعبور القنال الإنجليزي وغزو جنوب إنجلترا. وقبل أن يستطيع الألمان غزوها كان عليهم أن يهزموا القوات الجوية الملكية البريطانية. وكانت معركة بريطانيا التي بدأت في يوليو 1940م أول معركة غير مسبوقة للسيطرة على الجو. وفي أغسطس 1940م بدأت القوات الجوية الألمانية اللوفتوافه الهجوم على قواعد القوات الجوية الملكية، لكن محطات الرادار على طول ساحل إنجلترا أنذرت باقتراب الطائرات الألمانية، وساعدت القوات الجوية البريطانية في أن تعترضها.
كان كل جانب يبالغ في عدد طائرات العدو التي أسقطها. واعتقدت القوات الجوية الألمانية اللوفتوافه، خطأ أنها دمرت القوات الجوية الملكية، ثم شن الألمان ضرباتهم ضد قواعد القوات الجوية الملكية، وبدأوا في ضرب لندن وأهداف أخرى مدنية. كانوا يأملون أن يضعفوا الروح المعنوية عند المدنيين، ويجبروا بريطانيا على أن تستسلم. وكانت الغارات الجوية المعروفة باسم بليتز (الغارة الجوية الخاطفة) تشن كل ليلة تقريبًا طوال الخريف والشتاء. وفي مايو 1941م أوقفت ألمانيا نهائيًا محاولاتها لهزيمة بريطانيا من الجو.
وكان قرار هتلر بإنهاء هجومه على (القوات الجوية الملكية) قد ساعد بريطانيا على إعادة بناء قواتها الجوية. وكان إنقاذ بريطانيا مهما للغاية في الحرب فيما بعد؛ لأن هذا القطر استخدم قاعدة لتحرير الحلفاء في أوروبا من الحكم النازي.
انتشار الحرب
أصبحت الحرب العالمية الثانية حربًا عالمية في نهاية 1941م. وامتدت الحرب إلى إفريقيا وشبه جزيرة البلقان وشرقي أوروبا والاتحاد السوفييتي. كذلك قاتل الحلفاء والمحور كُلٌّ منهما الآخر في البحر. وفي ديسمبر 1941م دخلت الولايات المتحدة الحرب.
الأسلحة المستخدمة في الحرب.
القتال في إفريقيا. فتح الإيطاليون جبهات في إفريقيا في أثناء معركة بريطانيا تقريبًا، وتوقع موسوليني انتصارات سهلة على القوات البريطانية الصغيرة في شمالي إفريقيا. وفي أغسطس 1940 م اندفع الإيطاليون شرقًا من أثيوبيا واكتسحوا القوات في الصومال البريطاني. وفي الشهر التالي قامت القوات الإيطالية التي كانت ترابط في ليبيا بغزو مصر.
وتراوح القتال طوال عامين كرًا وفرًا عبر ليبيا ومصر. وقاتلت قوات من أستراليا ونيوزيلندا والهند وجنوب إفريقيا مع القوات البريطانية كي تبقى قوات المحور بعيدة عن مصر. وكانت سيطرة المحور على مصر سوف تؤدي إلى حرمان بريطانيا من كل حقول النفط في الشرق الأوسط ومن قناة السويس، وهي أقصر طريق بحري إلى آسيا. وضربت بريطانيا الإيطاليين من الخلف في ديسمبر 1940م لتطردهم عن مصر إلى الخلف في ليبيا. وجذب غزو إيطاليا لليونان جزءًا من قوات بريطانيا في إفريقيا، وأوقف التقدم الذي كان في أوائل 1941م. أرسل هتلر وحدات دبابات مدربة على حرب الصحراء لتساعد الإيطاليين في شمال إفريقيا، وعرفت وحدات الدبابات باسم الفيلق الإفريقي الذي كان يقوده اللواء إيروين روميل. وكان من شأن ترتيبات روميل الماهرة أن أكسبته اسم ثعلب الصحراء الذي عرف به. وخلال الربيع استعاد روميل الأرض الليبية التي فقدها الإيطاليون، واندفع إلى مصر وعاد الإنجليز ليدفعوا قوات المحور إلى الخلف في ليبيا في مايو 1942م. واندفع روميل عبر الخطوط البريطانية، ووصل إلى العلمين على بعد 320كم من قناة السويس.
ورغم ذلك لم ينقذ الألمان إمبراطورية موسوليني في شرقي إفريقيا. وفي مايو 1941 م هزمت بريطانيا الإيطاليين في الصومال البريطاني وأثيوبيا.
القتال في البلقان. استخدم هتلر التهديدات ليجبر بلغاريا والمجر ورومانيا كي تنضم إلى المحور وكانت هذه الأقطار تمد ألمانيا بالطعام والنفط والمواد الأخرى. ووقعت حكومة يوغوسلافيا اتفاقا مع المحور في مارس 1941 م. ولكن القوات المسلحة اليوغوسلافية تمردت وقلبت الحكومة، فأمر هتلر وهو غاضب، أن تكتسح يوغوسلافيا. وبدأت القوات الألمانية تتدفق على يوغوسلافيا في 6 أبريل. استسلمت يوغوسلافيا بعد أحد عشر يومًا، وخلال ذلك الوقت كان هتلر ينقذ قوات موسوليني في أماكن أخرى من شبه جزيرة البلقان.
تعب موسوليني من لعبة الشريك الأصغر لهتلر وأراد إشباع غروره. وفي أكتوبر 1940م غزت القوات الإيطالية المتمركزة في ألبانيا اليونان، وتوقعت أن تهزم الجيش اليوناني الفقير في عدته بسهولة. وقاتل اليونانيون ببسالة رغم التفوق العددي الكبير الذي كان يواجههم. وفي ديسمبر طردوا الإيطاليين من اليونان واكتسحوا جزءًا من ألبانيا. أرسلت بريطانيا قوة صغيرة لمساعدة اليونان، ولكن في أبريل 1941م وصلت قوة ألمانية لمساعدة الإيطاليين. وفي أبريل سيطر المحور على اليونان، وانسحبت القوات البريطانية من اليونان إلى جزيرة كريت في البحر المتوسط. وفي 20 مايو سنة 1941م هبط آلاف من جنود المظلات الألمان على جزيرة كريت واستولوا على أحد المطارات، ثم هبط مزيد من الجنود الألمان. وكان هذا أول غزو محمول جوًا في التاريخ وقد منح ألمانيا قاعدة مهمة في البحر الأبيض المتوسط بنهاية شهر مايو.
كانت هزائم البلقان ضربات قاتلة لبريطانيا. ويعتقد بعض المؤرخين أن دوران هتلر تجاه يوغوسلافيا واليونان كان باهظًا لهتلر؛ لأنه أجل غزو الاتحاد السوفييتي. كان هتلر يتنبأ في ثقة بنصره على الاتحاد السوفييتي خلال ثمانية أسابيع ولكنه فشل في أن يعد لحرب الشتاء.
غزو الاتحاد السوفييتي. برهنت ألمانيا والاتحاد السوفييتي أنهما شريكان لا يطمئن أحدهما للآخر، ونظر هتلر إلى الاتحاد السوفييتي كعدو رئيسي لألمانيا، وخاف من الأطماع السوفييتية أن تمتد إلى شرقي أوروبا. وأراد هتلر أيضًا السيطرة على حقول قمح الاتحاد السوفييتي وحقول النفط وكان ميثاق عدم الاعتداء مع ستالين في سنة 1939م مستخدمًا فقط لإبعاد الاتحاد السوفييتي عن الحرب، بينما تكتسح ألمانيا شرقي أوروبا.
لم يثق ستالين بهتلر، وبحث عن قواعد بحرية أكثر لتقوية الحدود السوفييتية. وفي نوفمبر 1939م غزا الاتحاد السوفييتي فنلندا واستسلم الفنلنديون في مارس 1940م، بعد حرب وحشية. وفي الصيف استولى الاتحاد السوفييتي على إستونيا ولاتفيا ولتوانيا على طول بحر البلطيق. وبدأ غزو ألمانيا للاتحاد السوفييتي الذي رمز له بعملية بارباروسا في 22 يونيو 1941م. وأخذ الاتحاد السوفييتي على غرة، واندفعت الدبابات الألمانية عبر خطوط الاتحاد السوفييتي. وفي أثناء الأسابيع القليلة الأولى من المعركة أحاطت الجيوش الألمانية بالقوات السوفييتية وقتلت وأسرت مئات الآلاف.
ومع تقدم الألمان، ضرب الشعب السوفييتي المصانع والسدود وخطوط السكك الحديدية ومخازن الطعام وكل شيء آخر قد يكون مفيدًا للعدو. وبدا وكأن الألمان يمضون نحو النصر في أواخر يوليو لكنهم بدأوا يخطئون.
أرادت طلائع جيش هتلر أن تندفع نحو موسكو، لكن هتلر خطأهم، وبدلاً من ذلك فقد دعم الجيوش الألمانية المتجهة شمالاً نحو لينينغراد، وجنوبًا نحو شبه جزيرة القرم على البحر الأسود. وبينما كان الألمان يفقدون الوقت في نقل القوات، أحضر ستالين قوات جديدة. وتباطأ التقدم الألماني في سبتمبر رغم أن الألمان أخذوا مدينة كييف في الجنوب، وسقط مطر غزير في أكتوبر وأصبحت الدبابات والمدفعية الألمانية عالقة في الطين.
وفي نوفمبر 1941م أخضع الألمان لينينغراد وبدأوا يحاصرون موسكو، ووصلت القوات ضواحي موسكو في أوائل ديسمبر، وكانت درجة الحرارة قد هبطت إلى 40ْم تحت الصفر وبدأ شتاء قارس غير عادي مبكرًا. وكانت القوات الألمانية تعوزها الملابس الدافئة وتعاني من الصقيع. وتحطمت دباباتهم وأسلحتهم في ذلك البرد القارس، وأنقذ الشتاء الاتحاد السوفييتي.
معركة الأطلسي. بدا كأن ألمانيا سوف تكسب معركة الأطلسي منذ سنة 1940 إلى سنة 1942م وقد أغرقت قوارب اليو ( u) آلاف الأطنان من بضائع الحلفاء البحرية في كل شهر. ولكن الحلفاء تغلبوا تدريجيًا على خطر قوارب اليو (u) واستخدموا الرادار المسمى السونار (الصوتي) للكشف عن غواصات الألمان. وضربت الطائرات البعيدة المدى قوارب اليو (u) عندما كانت تظهر على السطح. وفي منتصف 1943م كان الحلفاء يغرقون تلك القوارب بأسرع مما يستطيع الألمان أن يعوضوا ما يفقدون، وبهذا تم تجاوز أزمة الأطلسي.
الحرب تصبح صراعًا عالميًا
دخلت أمم الكومنولث الحرب، إما مع دخول بريطانيا ونيوزيلندا والهند الحرب في 3 سبتمبر 1939م أو بعده. فعلت ذلك جنوب إفريقيا في 6 سبتمبر وكندا في الـعاشر من الشهر نفسه، وأرسلت مستعمرات كثيرة، من ضمنها جزر الهند الغربية والمستعمرات الإفريقية قوات لهذا الغرض.
أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين روزفلت حياد الولايات المتحدة. لقد اعتقدت غالبية الشعب في الولايات المتحدة أن بلدهم يجب أن يظل بعيدًا عن الحرب العالمية الثانية. لكن كثيرًا من الأمريكيين يأملون في انتصار الحلفاء، وبحث روزفلت وآخرون من مؤيدي التدخل الدولي كل مساعدة، إلا الحرب، للأمم التي تقاتل المحور، كانوا يرون أن انتصار المحور مهدد للديمقراطية في كل مكان، أما الذين يرون انعزالية أمريكا فقد عارضوا مساعدة الولايات المتحدة للأمم المتحاربة.
أعلنت كل أقطار أمريكا الشمالية وجنوبها تدريجيًا الحرب على المحور، لكن البرازيل وكندا والولايات المتحدة فقط هي التي أرسلت قوات. لقد أدت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في نصر الحلفاء.
قانون الإعارة والتأجير. كان الرئيس روزفلت يأمل في أن تهزم الولايات المتحدة المحور بأن تمد الدول التي تقاتلهم بالسفن والدبابات والطائرات والمواد الحربية الأخرى، وأهاب روزفلت بالولايات المتحدة أن تصبح ما أسماه موئل الديمقراطية.