بعد معركة العلمين غزا الحلفاء المستعمرات الفرنسية في شمال إفريقيا، ونزلت قوات الحلفاء يقودها الجنرال دوايت آيزنهاور من الولايات المتحدة في الجزائر والمغرب في 8 نوفمبر 1942م، وقاتلت قوات فيشي في شمال إفريقيا لعدة أيام، ثم انضمت بعد ذلك إلى جانب الحلفاء.
كان الحلفاء يأملون في التقدم سريعًا إلى تونس ومن ثم يفصلون قوات المحور عن قواعدها في بلادها في إيطاليا وصقلية. لكن قوات المحور تحركت بشكل أسرع واحتلت تونس أولاً. وهناك استعد روميل للمعركة، واشتبكت القوات الأمريكية أولاً في معركة مع الألمان في فبراير 1943 م قرب ممر القصرين بتونس. وهزم روميل القوات الأمريكية عديمة الخبرة في قتال شرس، ولكن قوات الحلفاء تماسكت بعد ذلك، واستسلمت بقايا قوات المحور في شمال إفريقيا في مايو، وكان روميل قد عاد من قبل إلى ألمانيا. وبتطهير قوات المحور من شمال إفريقيا حصل الحلفاء على قواعد يمكن منها غزو جنوب أوروبا.
غزو إيطاليا. لقد خطط الحلفاء لغزو صقلية بعد طرد قوات المحور من شمال إفريقيا. وقذفت طائرات المحور سفن الحلفاء بالقنابل في البحر المتوسط من قواعد في صقلية؛ إذ أراد الحلفاء أن يكون البحر المتوسط آمنًا لسفنهم،كما كانوا يأملون أن يمكنهم غزو صقلية من هزيمة إيطاليا التي أنهكتها الحرب وإخراجها منها.
ونزلت قوات الحلفاء تحت قيادة آيزنهاور على طول ساحل صقلية الجنوبي في 10 يوليو 1943م، واشتبكت طوال 39 يومًا في قتال ضار مع القوات الألمانية، وغادرت آخر القوات الألمانية صقلية في 17 أغسطس.
وعزل موسوليني من السلطة في 25 يوليو 1943م بعد غزو صقلية، وسجنته الحكومة الإيطالية لكن المظليين الألمان أنقذوه أخيرًا، وبدأ رئيس وزراء إيطاليا الجديد المشير بييترو بادوجليو محادثات سرية مع الحلفاء، وكان بادوجليو يأمل أن يمنع إيطاليا أن تصبح أرض معركة واستسلمت إيطاليا في 3 سبتمبر.
يوم دي (ساعة الصفر). بعد الجلاء عن دنكرك في سنة 1940م بدأت بريطانيا خطة للعودة إلى فرنسا. وفي سنة 1942م بدأت بريطانيا والولايات المتحدة مناقشة غزو على مدى واسع عبر القنال الإنجليزي. وفي ذلك الصيف غزا الحلفاء ميناء دييب الفرنسي على القنال. وواجه الغزاة دفاعات مائية قوية وتكبدوا خسائر ثقيلة، وأقنع غزو دييب الحلفاء للإنزال في أحراش مفتوحة لأن فرصة النجاح أحسن من الإنزال في ميناء.
وتوقع الألمان غزوًا من الحلفاء في شمالي ساحل فرنسا في سنة 1944م، لكنهم لم يكونوا متأكدين في أي ناحية، فقد كانت هناك سلسلة من التحصينات سماها الألمان حائط الأطلسي على طول الساحل. وأوكل هتلر إلى روميل مهمة تقوية دفاعات الألمان على طول القنال الإنجليزي، وأحضر روميل مدفعية ولغم المياه والأحراش ومد الأسلاك الشائكة، وركز الألمان قواتهم قرب كاليه في أقرب جزء من القنال الإنجليزي، لكن الحلفاء خططوا أن ينزلوا بعيدًا إلى الغرب في منطقة شمالي فرنسا تسمى نورمنديا.
واختار الحلفاء يوم الاثنين الموافق 5 يونيو 1944م يوم الصفر للهجوم على نورمنديا، لكن الأمواج العالية أجبرتهم على تأجيله حتى 6 يونيو وأثناء الليل عبر نحو 2,700 سفينة و176 ألف جندي القناة، ومضت كاسحات الألغام إلى الأمام تطهر المياه من الألغام، ونزلت قوات المظليين خلف خطوط الألمان واستولت على الجسور وخطوط السكك الحديدية. وفي الفجر فتحت السفن الحربية النار على الشواطئ، وفي الساعة 6,5 صباحا اندفعت القوات المتحالفة على الشاطئ في جبهة طولها 100 كم في أكبر غزو بحري محمول في التاريخ. وتقدمت قوات الحلفاء ببطء أول الأمر، واتجه الأمريكيون غربًا لمحاصرة الميناء الذي كان في حالة سيئة وهو ميناء شيربورج يوم 27 يونيو. أما كايين التي كان الإنجليز يأملون إسقاطها يوم الصفر، فقد سقطت يوم 18 يوليو. وفي نهاية يوليو اندفع الحلفاء نهائيًا عبر خطوط الألمان في أرض فسيحة.
الاندفاع إلى الراين. في 25 يوليو 1944م فتحت قاذفات القنابل للحلفاء ثغرة في جبهة الألمان قرب سانت لوي جنوب شرقي شيربورج بنحو 80 كم. واندفع الجيش الثالث للولايات المتحدة تحت قيادة الجنرال جورج س. باتون عبر هذه الثغرة، وخلال أغسطس طرد الحلفاء الألمان من معظم شمال غربي فرنسا، وضربت قاذفات قنابل الحلفاء الألمان المنسحبين.
ومضى جيش باتون شرقًا نحو باريس. وفي 19 أغسطس 1944م ثار أهل باريس ضد القوات الألمانية فأمر هتلر بهدم المدينة. ولكن لواءات جيشه تأخروا في تنفيذ الأمر، وحررت قوات الحلفاء بما فيها قوات فرنسا الحرة باريس يوم 25 أغسطس.
في منتصف أغسطس 1944م نزلت قوات الحلفاء في جنوبي فرنسا، واندفعت بسرعة عبر وادي نهر الرون، وكان باتون يتجه في هذه الأثناء شرقًا تجاه الحدود الألمانية ونهر الراين. وفي آخر أغسطس نفد وقود دباباته. وفي الشمال كانت القوات الإنجليزية التي يقودها المشير بيرنارد لو. مونتجمري تكتسح بلجيكا وتحاصر أنتورب في 4سبتمبر. وخطط الحلفاء لعملية محمولة جوًا لنقلهم عبر الراين. وفي 17 سبتمبر تم إنزال 20 ألف مظلي خلف خطوط الألمان ليسيطروا على الجسور في هولندا، لكن سوء الأحوال الجوية والمشاكل الأخرى عطلت عملية إنزالهم وكان واضحًا أن النصر على ألمانيا لابد أن ينتظر حتى سنة 1945 م.
وعرف لواءات الجيش الألماني أنهم هزموا، لكن هتلر جمع موارده المتداعية لمعركة أخرى. وفي 16 ديسمبر 1944 م فاجأت القوات الألمانية الأمريكيين فاطبقوا عليهم في غابة أردينز في بلجيكا ولوكسمبرج. لكن الألمان كان ينقصهم القوات والوقود وخلال أسبوعين أوقف الأمريكيون تقدم الألمان قرب نهر المويز في بلجيكا، وعرف هجوم الأردينز باسم معركة البولج (الانبعاج) بسبب الشكل المنبعج لأرض المعركة على الخريطة.
التقدم السوفييتي. أنهى النصر السوفييتي في معركة ستالينجراد التقدم الألماني في شرقي أوروبا. وبعد يناير 1943م دفع الجنود السوفييت الألمان ببطء إلى الوراء، وتحسنت حال القوات السوفييتية في سنة 1943م، وتجاوز عددها الجيوش الألمانية المواجهة لها، وتدفقت الإمدادات على الاتحاد السوفييتي من بريطانيا والولايات المتحدة، وكيّفت المصانع السوفييتية أوضاعها للإنتاج الحربي.
ورغم ذلك فإن الألمان عاودوا الهجوم في يوليو 1943م، قرب المدينة السوفييتية كورسك، وجمعوا نحو ثلاثة آلاف دبابة في المعركة، وبقيت القوات السوفييتية تنتظرهم. وفي واحدة من أعظم المعارك في التاريخ دمّرت الألغام والدبابات والمدافع المضادة للدبابات والطائرات السوفييتية الدبابات الألمانية، وأوقف هتلر الهجوم لينقذ باقي دباباته. وتحركت القوات السوفييتية ببطء أثناء الصيف والخريف في سنة 1943م وفي يناير 1944م، أنهى هجوم سوفييتي حصار لينينغراد الذي بدأ في سبتمبر 1941م، وكان ذلك أطول حصار في التاريخ الحديث، ومات نحو مليون من أهالي لينينغراد خلال الحصار معظمهم بسبب النقص في الطعام والتدفئة ولكن المدينة لم تستسلم أبدًا.
وفي يونيو 1944م بعد غزو نورمنديا بقليل، هاجمت جيوش ستالين على جبهة طولها 720كم، وفي أواخر يوليو وصلت القوات السوفييتية ضواحي وارسو، وثار جيش بولندا الوطني ضد القوات الألمانية في وارسو في أول أغسطس، ولكن القوات السوفييتية رفضت أن تهب لمساعدة بولندا. وسمح ستالين للألمان أن يضربوا الجيش الوطني الذي ربما كان سيقاوم خططه لإقامة حكومة شيوعية في بولندا بعد الحرب، واستسلم الجيش الوطني بعد شهرين، ومات أكثر من 200 ألف بولندي أثناء ثورة وارسو، ودخلت القوات السوفييتية وارسو في يناير 1945م.
في أثناء ذلك اندفعت القوات السوفييتية إلى رومانيا وبلغاريا، وطرد الألمان من اليونان ويوغوسلافيا في خريف 1944م، لكنهم بقوا في بودابست عاصمة المجر حتى فبراير 1945م، وسقطت فيينا عاصمة النمسا في يد الجنود السوفييت في أبريل، وفي تلك الأثناء احتلت القوات السوفييتية كل شرقي أوروبا تقريبًا.
النصر في أوربا. لقد بدأ الحلفاء نصرهم النهائي على ألمانيا في أوائل سنة 1945م، حين وصل الجنود السوفييت نهر الأودر على بعد 65كم شرقي برلين في يناير، واحتلت قوات الحلفاء مواقع لها على طول نهر الراين في أوائل مارس.
طهرت القوات البريطانية والكندية هولندا من الألمان واندفعت في شمال ألمانيا، وتسابقت القوات الأمريكية والفرنسية نحو نهر ألبة في وسط ألمانيا، وأمر هتلر جنوده أن يقاتلوا حتى الموت، ولكن أعدادًا كبيرة من الجنود الألمان كانت تستسلم كل يوم.
تُرك حصار برلين، عاصمة ألمانيا، للقوات السوفييتية، وفي 25 أبريل 1945م سيطرت القوات السوفييتية على المدينة، ومن مخبأ عميق تحت الأرض أمر هتلر الجنود الألمان أن يستمروا في قتالها. ورغم ذلك وفي 30 أبريل انتحر هتلر، وظل يعتقد أن قضيته كانت على حق، وأن الشعب الألماني غير جدير بحكمه.
خلف الجنرال كارل دونيتز هتلر كقائد لألمانيا، ونظم دونيتز استسلام ألمانيا. وفي 7 مايو 1945م وقع الكولونيل جنرال ألفرد جودل رئيس أركان حرب القوات الألمانية وثيقة استسلام غير مشروط في مقر قيادة آيزنهاور في رانس بفرنسا، وانتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا، واعتبر الحلفاء يوم 8 مايو يوم النصر في أوروبا.
الحرب في آسيا والمحيط الهادئ
ترك الهجوم على بيرل هاربر أسطول الولايات المتحدة في المحيط الهادئ عاجزًا عن وقف التوسع الياباني. وخلال الستة شهور التالية مضت القوات اليابانية عبر جنوب شرقي آسيا وغربي المحيط الهادئ ، ووصلت الإمبراطورية اليابانية إلى أقصى حجمها في أغسطس 1942م، فامتدت في الشمال الشرقي إلى جزر ألوثيان في ألاسكا وغربًا إلى بورما وجنوبًا إلى إندونيسيا. وأوقف الحلفاء توسع اليابان في صيف 1942م وأخذوا يقتطعون من إمبراطوريتها حتى وافقت اليابان على أن تستسلم في أغسطس 1945م.
انتصارات اليابان المبكرة. في 8 ديسمبر 1941م خلال ساعات من الهجوم على بيرل هاربر ضربت قاذفات القنابل اليابانية المستعمرة البريطانية في هونج كونج في جنوب ساحل الصين وجزيرتين للولايات المتحدة في المحيط الهادئ هما غوام وويك، وغزا اليابانيون تايلاند في نفس اليوم واستسلمت تايلاند خلال ساعات، وانضمت إلى المحور، واستولت القوات اليابانية على هونج كونج وغوام وجزيرة ويك في عيد الميلاد.
ومن تايلاند تقدمت القوات اليابانية في الملايو (الآن هي جزء من ماليزيا) وبورما، وكانت بريطانيا تحكم هذه المنطقة.
وفي أواخر يناير 1942م دفع اليابانيون القوات البريطانية إلى الوراء في سنغافورة، وهي جزيرة محصنة في أعلى شبه جزيرة الملايو (ماليزيا)، وقذف اليابانيون الجزيرة في 8 فبراير، واستسلمت سنغافورة بعد أسبوع، وحاصرت اليابان حوالي 85 ألف جندي جاعلة من سقوط سنغافورة أسوأ هزيمة تحل ببريطانيا على الإطلاق.