الهند. أصبحت الهند قاعدة إمداد مهمة ومركز تدريب لقوات الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان غزو اليابان لبورما في سنة 1942م قد وضع الهند في خطر عظيم. وفي أوائل سنة 1944م غزت القوات اليابانية الهند وأحاطت بمدينتي إمبال وكوهيما داخل حدود الهند. وقام الإنجليز بإمداد المدن جوًا، وبدأ المهاجمون ينسحبون نهائيًا من الهند في أواخر يونيو، ومات آلاف من جنود اليابان بسبب المرض والجوع أثناء الانسحاب.
الإطباق على اليابان. أدى التفوق البري والجوي للحلفاء لمساعدتهم إلى تضييق الخناق على اليابان في أوائل 1945م، ومنذ ذلك الحين فقدت اليابان معظم إمبراطوريتها وطائراتها وسفن نقلها وكل سفنها الحربية تقريبًا، وظل مئات الآلاف من الجنود اليابانيين معطلين في جزر المحيط الهادئ التي التف حولها الحلفاء، وأخذت قاذفات القنابل الأمريكية ب 29 تقذف مصانع اليابان، وكانت غواصات الحلفاء تغرق الإمدادات الحيوية المتجهة إلى اليابان.
استمر القادة العسكريون اليابانيون في القتال رغم أنهم واجهوا هزيمة مؤكدة، واحتاج الحلفاء لقواعد أكثر ليتقدموا منها لقذف اليابان بالقنابل، واختاروا لذلك جزيرتي أيووجيما وأوكيناوا اليابانيتين.
تقع أيووجيما على بعد حوالي 1,210كم جنوب اليابان، وكان بهما حوالي 21 ألف جندي مرابطين هناك، استعدادًا للدفاع عن الجزر الضعيفة. نزل مشاة البحرية الأمريكية في 19 فبراير 1945م وتقدموا ببطء، وقاوم اليابانيون باستماتة حتى 16مارس، وجرح في المعركة حوالي 25 ألفًا من مشاة البحرية وحوالي 30% من القوات البرية.
غارة قام بها كامكازي ياباني، وهو الطيار الانتحاري، وقد سقط بطائرته على حاملة الطائرات وجعلها تشتعل نارا.وفي محاولة أخيرة يائسة لكسب الحرب كان الكامكازيوم اليابانيون يرتطمون بطائراتهم على سفن الحلفاء بهذه لطريقة.
أما أوكيناوا المحطة الثانية لطريق الحلفاء تجاه اليابان، فهي تقع على بعد 565 كم جنوب غربي اليابان، وبدأت قوات الحلفاء تنزل على شواطئها أول أبريل 1945م، وأرسل اليابانيون الكامكازي لمهاجمة القوات التي كانت تنزل على البر. وفي ذلك الحين انتهت المعركة في 21 يونيو، وأغرقت هذه الفرقة الانتحارية الكامكازي 30 سفينة على الأقل، وخربت أكثر من 350 أخرى، وكلف حصار أوكيناوا الحلفاء حوالي 50 ألفًا، وقتل حوالي 110 ألف ياباني بما فيهم المدنيون الذين فضلوا الانتحار على الهزيمة.
وفي صيف 1945م فضل بعض أعضاء الحكومة اليابانية الاستسلام، لكن آخرين أصروا على مواصلة القتال. وخطط الحلفاء لغزو اليابان في نوفمبر 1945م، وخشي المخططون العسكريون للحلفاء أن يكلفهم القتال حوالي مليون من الأرواح، واعتقد بعض القادة من الحلفاء أن مساعدة السوفييت مطلوبة لهزيمة اليابان، وشجعوا ستالين أن يغزو منشوريا، وعلى كل فقد توصل الحلفاء إلى طريقة أخرى لإنهاء الحرب.
القنبلة الذرية. في سنة 1939م أخبر العالم الألماني المولد أينشتاين الرئيس الأمريكي روزفلت عن إمكانية صنع قنبلة عظمى يمكن أن تنتج مقذوفًا قويًا للغاية بانشطار الذرة، وخاف أينشتاين والعلماء الآخرون أن تطور ألمانيا مثل هذه القنبلة أولاً. وفي سنة 1942م بدأ علماء أمريكيون وإنجليز وآخرون العمل في مشروع مانهاتن، وهو برنامج سري للغاية لتطوير قنبلة ذرية، وجرت أول تجربة على هذه القنبلة في الولايات المتحدة في يوليو 1945م.
مات الرئيس روزفلت في أبريل 1945م وأصبح نائب الرئيس هاري س. ترومان رئيسًا للولايات المتحدة، وتقابل ترومان مع تشرتشل وستالين في بوتسدام في ألمانيا في يوليو بعد فترة قصيرة من هزيمة ألمانيا، وفي مؤتمر بوتسدام علم ترومان بأخبار نجاح تجربة القنبلة الذرية، وأخبر القادة الآخرين به. وأصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا والصين بيانًا يهددون فيه بتدمير اليابان ما لم تستسلم بدون شروط. وبرغم الإنذار مضت اليابان في القتال.
استسلام اليابان في 2 سبتمبر 1945م أنهى الحرب العالمية الثانية. ووقع الجنرال دوجلاس ماك آرثر الأمريكي (على اليسار) نيابة عن الحلفاء، كما وقع يوشيجيرو أوميزو (على اليمين) نيابة عن الجيش الياباني.
وفي 6 أغسطس 1945م أسقطت قاذفة قنابل أمريكية ب ـ 29 تسمى إينولا جاي أول قنبلة ذرية استخدمت في الحرب على المدينة اليابانية هيروشيما، وقتل الانفجار عددًا يتراوح بين 70,000 و 100,000 من سكانها، ودمر مساحة تقدر بـ 13كم². وبعد رفض القادة اليابانيين الاستجابة لهذا القذف، أسقطت الولايات المتحدة قنبلة أكبر على ناجازاكي في 9 أغسطس فقتلت حوالي 40 ألفًا من السكان، ومات فيما بعد آلاف آخرون من الإصابات والإشعاع الناتج عن القنبلتين. وفي هذه الأثناء في 8 أغسطس أعلن الاتحاد السوفييتي الحرب على اليابان وغزا منشوريا، وتسابقت القوات السوفييتية جنوبًا تجاه كوريا.
النصر في المحيط الهادئ. رغم أن أباطرة اليابان كانوا ينأون عن السياسة حسب التقاليد، إلا أن هيروهيتو حث الحكومة على أن تستسلم. وفي 14 أغسطس وافقت اليابان على إنهاء الحرب، وانتحر بعض القادة العسكريين. وفي 2 سبتمبر 1945م وقع ممثلون لليابان بيانًا رسميًا للاستسلام على ظهر السفينة الحربية الأمريكية ميسوري التي كانت ترابط عند خليج طوكيو، وكان ممثلون لدول الحلفاء حاضرين، وأعلن الحلفاء يوم 2 سبتمبر يوم النصر على اليابان، وبذلك انتهت الحرب العالمية الثانية.
الحرب السرية
خلال الحرب العالمية الثانية كانت هناك حرب سرية تدور بين الحلفاء والمحور لحصول كل منهما على معلومات عن الآخر وعن نشاطاته الأخرى، ولإضعاف كل منهما المجهود الحربي للآخر. وحاول العاملون على فك الشفرة أن يكشفوا الاتصالات السرية، وسعى الجواسيس خلف خطوط العدو لجمع المعلومات. وحاول المخربون أن يشلوا النشاطات في الجبهة الداخلية، وانضم كثير من الناس في الأراضي التي تم استيلاء المحور عليها إلى جماعات المقاومة السرية التي تعارض قوات الاحتلال، واستخدمت كل الأمم المتحاربة الدعاية للتأثير على الرأي العام.
السري للغاية (الألتراسيكرت). بعد إعلان الحرب بقليل حصلت بريطانيا بمساعدة الجواسيس البولنديين على إحدى الآلات التي استخدمتها ألمانيا لفك رسائل الشفرة، وبمجهود متقدم نجح الرياضيون الإنجليز في فك الشفرة وعرفت قدرة بريطانيا على قراءة كثير من وسائل الاتصالات الألمانية أثناء الحرب عن طريق السري للغاية أو (الألتراسيكرت)، وساعدت هذه الطريقة الحلفاء على هزيمة ألمانيا. لقد أدت هذه العملية دورًا مهمًا في المعركة؛ فخلال عام 1940م في معركة بريطانيا مثلاً اعتبرت هذه العملية إنذارًا مبكرًا عن المكان الذي يخطط فيه الطيران الألماني للغزو، وساعدت الألتراسيكرت مونتجمري على أن يهزم الألمان في مصر سنة 1942م بمده بمعلومات عن خطط روميل للمعركة، وكان الإنجليز حريصين على حماية الألتراسيكرت؛ فقد كانوا حريصين للغاية في استخدام معلوماتهم حتى لا تقوم ألمانيا بتغيير رموز شفرتها، ولم يكتشف الألمان أبدًا أن بريطانيا قد فكّت رموز شفرتهم.
الجواسيس والمخربون. هؤلاء كانوا مدربين خصيصًا بوساطة الأمم المتحاربة. أعد الجواسيس تقارير عن تحركات القوات والتحصينات الدفاعية والتطورات الأخرى خلف خطوط العدو. وأَمَدّ جواسيس الحلفاء مجموعات المقاومة بالأسلحة والمتفجرات، وعطل المخربون مجهود العدو الحربي بكل الطرق: نسفوا المصانع والجسور، ونظموا شبه إضراب عن العمل في المصانع الحربية.
مجموعات المقاومة. نشطت هذه المجموعات في كل قطر احتله المحور. بدأت المقاومة بأعمال فردية ضد المحتلين، ثم انتظم الناس ذوو الفكر المتشابه تدريجيًا معًا، وعملوا في سرية لطرد الغزاة وانتشرت نشاطات مجموعات المقاومة كلما مضت الحرب، وتضمن عملهم طبع وتوزيع صحف غير مشروعة، وإنقاذ أطقم طيران الحلفاء التي تصاب خلف خطوط العدو، وجمع معلومات عن العدو وعن التخريب.
وفي أقطار مثل فرنسا ويوغوسلافيا وبورما اشتركت مجموعات المقاومة في حرب عصابات: نظموا مجموعات مقاتلة شنت غارات وكمائن وهجمات محددة أخرى ضد قوات الاحتلال، وحتى في ألمانيا نفسها عارضت حركة سرية صغيرة النازيين. وفي يوليو 1944م خططت مجموعة من ضباط الجيش الألماني لتفجير قنبلة لقتل هتلر، وعلى كل فقد نجا هتلر من الانفجار فيما عدا إصابات طفيفة وأمر بالقبض على المتآمرين وأعدموا.
كانت مخاطر الانضمام إلى المقاومة عظيمة؛ فقد واجه أعضاء المقاومة الذين كان يقبض عليهم النازيون الموت، وأحيانًا كان الألمان يعتقلون وينفذون الموت في مئات من المدنيين انتقامًا لعمل من أعمال التخريب ضد قوات الاحتلال.
الدعاية. استخدمت كل الدول المتحاربة الدعايات لكسب التأييد لسياساتها، ووجهت الحكومات الدعاية لشعوبها ولأعدائها على حد سواء، ووصلت رسائل الإذاعة إلى قطاع عريض من المستمعين، وكذلك استخدمت الأفلام والإعلانات والرسوم المجسمة.
استخدم الألمان الدعاية بمهارة لنشر عقائدهم، ووجه جوزيف جوبلز وزارة الدعاية الألمانية والتنوير، التي سيطرت على المطبوعات وبرامج الإذاعة والأفلام والفن في ألمانيا، وأراضي أوروبا التي أحتلتها ألمانيا، وعملت الوزارة لحث الناس على علو شأن الثقافة الألمانية وحق ألمانيا في أن تحكم العالم.
ودغدغ موسوليني أحلام الإيطاليين بعودة إيطاليا إلى مجدها التليد، كذلك حطت الدعاية الإيطالية من قدرة جنود الحلفاء القتالية.
كذلك اشتركت الأقطار المتحاربة في حرب نفسية استهدفت تدمير إرادة العدو على القتال، وأسقطت الطائرات التابعة للحلفاء منشورات فوق ألمانيا تنبئ بهزائم النازيين، واستخدمت أمم المحور بعض الناس الذين أذاعوا برامج لإضعاف الروح المعنوية لجنود الحلفاء.
الجبهة الداخلية
تأثر السكان في كل الدول المتحاربة بالحرب العالمية الثانية، لكن النتائج كانت متفاوتة للغاية. فتأثر كثير من دول أوروبا وأجزاء متفاوتة من آسيا من انتشار الخراب والمصاعب. أما الولايات المتحدة وكندا وأستراليا التي كانت بعيدة عن جبهات القتال، فقد استطاعت تجنب معظم مآسي الحرب.
مجهود الحلفاء الحربي. أيد معظم السكان الذين يعيشون في أقطار الحلفاء المجهود الحربي؛ فقد احتقر النازية معظم المواطنين تقريبًا في دول الحلفاء، ورغبوا في هزيمتها، ورغبوا كذلك في هزيمة العسكرية اليابانية.