توزيع المؤن بالحصص ساعد في ضمان توزيع السلع النادرة، ومكنت دفاتر التموين المواطنين من شراء كميات محدودة من اللحم وغيره من المواد.
الإنتاج من أجل الحرب. احتاج النصر في الحرب العالمية الثانية إنتاجًا ضخمًا من المواد الحربية شمل كميات كبيرة من أعداد السفن والدبابات والطائرات والأسلحة، وأقامت الولايات المتحدة بصفة خاصة كثيرًا من المصانع لتجهيز المواد الحربية، وحولت الحكومات المصانع القديمة إلى مصانع حربية، مثال ذلك بدأت مصانع السيارات تنتج الدبابات والطائرات.
تمويل الحرب. وضعت الحرب اقتصاديات الأمم المتحاربة في توتر شديد، فاستدانت الحكومات من الأفراد والمؤسسات ببيع سندات حربية وطوابع، وساعدت الضرائب في تغطية تكاليف الحرب.كانت هناك اتجاهات اقتصادية لزيادة الكفاءة والاستفادة من المواد التي يمكن استخدامها مرة أخرى كالحديد الخردة، وحتى أغنى دول التحالف وهي الولايات المتحدة أنفقت معظم أموالها لتغطي تكاليف الحرب.
الإشراف الحكومي. في معظم دول التحالف، عينت معظم الحكومات وكالات وزارات لتوجه المجهود الحربي، وتولت هذه الأجهزة إدارة إنتاج المصانع وزيادة الأسعار والرقابة على الصحف، ووضع مشروعات التموين لتوزيع البضائع النادرة بعدالة، تسلّمت كل أسرة بطاقة تموين لبعض المواد مثل السكر واللحوم والزبد والملابس.
التعبئة للحرب. أدخلت بريطانيا والولايات المتحدة وأمم التحالف الأخرى نظام التجنيد الإجباري في سنة 1940م للرجال من سن 5,18 إلى 51 وذلك للأعمال العسكرية والصناعية، وللنساء بين سن 20 و30 للأعمال الصناعية وللقوات النسائية الإضافية. وكان على الأولاد والبنات من سن 16 و 18 أن يسجلوا أنفسهم لإمكان إلحاقهم بتنظيمات الشباب، كما أدخلت أستراليا ونيوزيلندا وكندا وجنوب إفريقيا نظام التجنيد الإجباري، وكذلك طبقت أمم التحالف الأخرى نظم تعبئة مشابهة، وأدخلت الولايات المتحدة أول تجنيد إجباري لها في وقت السلم سنة 1940م مطالبة كل الرجال بين سن 21 و 35 أن يسجلوا أنفسهم للأعمال العسكرية، ثم اتسع نظام التجنيد في الولايات المتحدة أخيرًا ليشمل الرجال من سن 18 إلى سن 45. وفي كل أنحاء العالم استدعي ملايين من الرجال ليخدموا في سلاح المشاة والبحرية والقوات الجوية، كما تطوعت ملايين أخرى من الرجال.
معاملة رعايا العدو. تعرض الألمان والإيطاليون واليابانيون والمواطنون الآخرون من دول المحور الذين كانوا يعيشون في أقطار الحلفاء للحبس أو تحديد الإقامة كغرباء أعداء. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فكان المهاجرون اليابانيون الذين وصلوا حديثًا هم الوحيدون الذين عوملوا معاملة غير عادلة. وبعد قصف بيرل هاربر سنة 1941م وجه بعض الأمريكيين جامَ غضبهم إلى الرعايا الذين هم من أصل ياباني، وفي سنة 1942م قادت الهيستريا المعادية لليابانيين حكومة الولايات المتحدة لنقل أكثر من 110 آلاف من أصل ياباني من موطنهم في الساحل الغربي للولايات المتحدة إلى معسكرات إقامة في الداخل، وكان أكثر من ثلثي هؤلاء الناس مواطنين أمريكيين.
الدفاع المدني كان من الأعمال الخطرة. وفي بريطانيا كان عمال الغارات الجوية والوقاية يقومون بواجباتهم طوال الوقت الذي يغير فيه الأعداء عليهم بطائراتهم.
الدفاع المدني. اتحد السكان المدنيون في بريطانيا بكل قلوبهم خلف المجهود الحربي، وعمل الناس ساعات طوالاً في المصانع، وتقبلوا النقص الكبير في الطعام والملابس والمواد الأخرى. وعانى كثير من الناس من التدمير الذي أحدثه قصف القنابل ببيوتهم. لقد كانت الحرب العالمية الثانية حربًا عمل فيها المواطنون في خط الجبهة. توقع مخططو السياسة الحكومية في بريطانيا الغارات الجوية، ومن ثم وضعوا خططهم على أساس تجربة الحرب الأهلية الأسبانية؛ حيث سبق القصف الجوي بالقنابل خسارة كبرى في المدن، وأعدت خطط الدفاع بحيث شملت الشرطة والإسعاف وخدمات الإنقاذ وفرق المطافي. وعملت فرق الدفاع الجوي في كل الأحياء وأخذت تبلغ قيادتها المركزية عن كل حادثة ضرب بالقنابل أثناء الغارات الجوية، وعمل المدنيون لإنقاذ الناس في المخابئ. أما الرجال الذين كانوا أكبر سنًا فقد كان عليهم أن يخدموا في القوات المسلحة، وتطوعوا للخدمة في فرق إنقاذ محلية عرفت بالحرس الوطني.
في ألمانيا. لم يتحمس معظم الناس لبدء الحرب العالمية الثانية، لكن سلسلة الانتصارات السريعة من سنة 1939م وحتى منتصف سنة 1941م أثارت تأييدًا للحرب، وفي صيف 1941م لم يتوقع الألمان أن تستمر الحرب مدة أطول.
الحياة المدنية. ظل الطعام واللباس والمواد الاستهلاكية الأخرى متوفرة في ألمانيا طوال السنوات الأولى من الحرب، وتدفقت الإمدادات من الأقطار التي احتلها النازيون في أوروبا، وكان قصف الحلفاء لألمانيا بطيئًا في بدايته، وسبب خسارة قليلة أول الأمر.
لكن موقف ألمانيا تغير في أواخر سنة 1942م، حين وجدت القوات المسلحة الألمانية نفسها غارقة في مستنقع الاتحاد السوفييتي، وقلت التقارير التي تتحدث عن انتصارات ففتر الحماس لدى الناس، ونزل قصف الحلفاء كالمطر ليلاً ونهارًا فوق المدن الألمانية، وأصبحت البضائع الاستهلاكية نادرة، ومع ذلك استمّر الناس في العمل بجد لخدمة المجهود الحربي.
في الاتحاد السوفييتي. كانت الظروف بصفة خاصة صعبة؛ لأن القتال الشرس استمر حوالي أربع سنوات. أمر ستالين الجنود السوفييت المنسحبين أن يحرقوا في طريقهم الأخضر واليابس اللذين قد تستفيد منهما القوات الألمانية طعامًا أو مأوى، لكن سياسة الأرض المحروقة سببت مصاعب جمة للشعب السوفييتي، فمات ملايين من المواطنين السوفييت من الجوع ومن أسباب الحرب الأخرى. وفي أوكرانيا والمناطق التي كان يحتلها الاتحاد السوفييتي رحب كثير من الناس في أول الأمر بالقوات الألمانية الغازية، مصدقين أن الألمان قد يخلصونهم من حكم ستالين العنيف، لكن قسوة الاحتلال من جانب القوات النازية حولت الناس ضدهم. وخلال الحرب العالمية الثانية حارب المدنيون والجنود في الاتحاد السوفييتي ضد الألمان بكراهية وتصميم نادرًا ما نافسهم فيه أي شعب آخر في أوروبا.
نتائج الحرب
المعاناة الإنسانية التي مرت بالناس خلال الحرب العالمية الثانية كانت بالغة الشدة. فقد دُمِّرت مدن كثيرة وأصبح ملايين الناس بدون مأوى وفي حاجة إلى سكن واستقرار. وهؤلاء الألمان الذين لا مأوى لهم يجسّدون اليأس الذي انتشر في كل مكان.
الموت والدمار. أزهقت الحرب العالمية الثانية من الأرواح، وسببت من الخسائر أكثر مما سببته أي حرب أخرى. فقد عمل في صفوف كل من دول المحور والحلفاء ما يقدّر بحوالي 70 مليون شخص. وقد فقد حوالي 17 مليون منهم حياته، وفقد الاتحاد السوفييتي حوالي 7,5 مليون قتيل في المعارك وهذا العدد أكثر مما فقده أي قطر آخر، وكان ضحايا القتال في الولايات المتحدة وبريطانيا أقل من أي دولة أخرى. فقد قتل حوالي 400 ألف أمريكي و350 ألف بريطاني في هذه الحرب، وحوالي 3,5 مليون من الجنود الألمان وحوالي مليون وربع المليون جندي ياباني. أما القذف الجوي فقد جر الخراب على أهداف مدنية وعسكرية على السواء، وترك كثيرًا من المدن في دمار بخاصة في ألمانيا واليابان. فقد خربت القنابل المنازل والمصانع ومعدات النقل ووسائل المواصلات، ونشرت المعارك البرية الخراب فوق مناطق شاسعة. وبعد الحرب تشرد ملايين من الجياع والذين لا مأوى لهم في المناطق الخربة.
لا يعرف أحد كم من المدنيين ماتوا نتيجة للحرب العالمية الثانية؛ فقد أتلف القصف كثيرًا من الوثائق التي كانت ستساعد في تقدير أعداد القتلى، وبالإضافة إلى ذلك مات ملايين من الناس في حرائق وأمراض وأسباب أخرى بعد قيامهم بخدمات ضرورية مثل إطفاء الحرائق والإسعافات في المناطق التي دمرتها الحرب.
عانى الاتحاد السوفييتي والصين أعلى نسب من ضحايا المدنيين خلال الحرب العالمية الثانية، ويمكن القول: إن ما يقرب من 20 مليون من المدنيين في الاتحاد السوفييتي و10 ملايين في الصين، قد ماتوا، وحدث كثير من الوفيات بسبب الجوع.
صراعات بين قوى جديدة. نشبت صراعات قوى جديدة بعد انتهاء الحرب. لقد أنهكت الحرب القوى الرئيسية التي كانت في أوروبا وآسيا قبل الحرب. انتهت الحرب بهزيمة كاملة لألمانيا واليابان، وأصيبت بريطانيا وفرنسا بخسارة شديدة، وبحثت الأمم الناشئة مثل الدول العربية والهند وغيرها عن الاستقلال عن مستعمريها القدامى. وخرجت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من الحرب كقوى قائدة عالمية، وانتهى تحالفهما بمجرد أن سعى الاتحاد السوفييتي لنشر الشيوعية في أوروبا وآسيا. وأدى الصراع بين العالم الشيوعي الذي يقوده الاتحاد السوفييتي وغير الشيوعي الذي تقوده الولايات المتحدة لما يعرف باسم الحرب الباردة
العصر النووي. بدأ العصر النووي بتطوير القنبلة الذرية أثناء الحرب العالمية الثانية، واعتقد كثير من الناس أن الأسلحة القادرة على إحداث دمار كبير تجعل التفكير في حرب في المستقبل أمرًا مستحيلاً، وكانوا يأملون أن يعيش الناس في سلام، لكن سرعان ما بدأ سباق تطوير أسلحة أكثر قوة.
وفي نهاية الحرب العالمية الثانية عرفت الولايات المتحدة كيف تنشئ أسلحة ذرية. وفي سنة 1946م اقترحت الولايات المتحدة إنشاء وكالة دولية للسيطرة على الطاقة الذرية ومنع إنتاج أسلحة نووية، ولكن الاتحاد السوفييتي رفض إقامة نظام للتفتيش، وفشل الاقتراح، وأمر ستالين العلماء أن يطوروا القنبلة الذرية، ونجحوا في ذلك سنة 1949م. وفي أوائل الخمسينيات أجرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تجارب على أسلحة أكثر دمارًا، تلك هي القنبلة الهيدروجينية.
وخاف الناس من قيام حرب نووية منذ بدأ العصر النووي، وفي بعض الأوقات كانت الحرب الباردة تهدد بالانغماس في حرب بين القوتين العظميين، لكن القوة التدميرية المخيفة للأسلحة النووية ربما كانت كفيلة بأن تحول بينهما وبين المجازفة بحرب كبرى.
آفاق السلام
مولد الأمم المتحدة. بدأت مجهودات لمنع إندلاع حرب تشمل العالم مرة ثانية، وذلك لما نتج من مخاطر الحرب العالمية الثانية. وفي سنة 1943م اجتمع ممثلون للولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفييتي والصين في موسكو، واتفقوا على إقامة منظمة دولية تعمل على تطوير السلم، واجتمعت القوى الأربع الكبرى مرة ثانية في في سنة 1944م في دمبارتون أوكس قرب مدينة واشنطن. وقرر الممثلون الدعوة لمنظمة جديدة للأمم المتحدة. وفي أبريل 1945م اجتمع ممثلو 50 أمة في سان فرانسيسكو في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، لوضع مشروع ميثاق الأمم المتحدة، ووقع الميثاق في يونيو، وأصبح نافذ المفعول في 24 أكتوبر.