حروب الهنود الحمر نزاعات عنيفة حدثت بسبب الصراع بين الهنود (الذين عرفوا باسم الهنود الحمر) والمستوطنين البيض على الأراضي الغنية الجديدة التي أصبحت فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
أسس المستوطنون الإنجليز مستعمراتهم الصغيرة على امتداد الساحل الأطلسي في مستهل القرن السابع عشر الميلادي. ونشأ الصراع عندما بدأوا ينتقلون نحو الأراضي الهندية بأعداد كانت تتزايد باستمرار، وقد أدى هذا النزاع إلى مقتل الكثيرين من الجانبين.
كان السبب الرئيسي للمعارك بين البيض والهنود الاختلاف في أسلوب المعيشة للمجموعتين؛ إذ كان الهنود يزرعون الذرة والخضراوات، ويعتمدون على صيد الحيوانات لتأمين الجانب الأكبر من طعامهم ولباسهم. أما المستوطنون فقد كانوا يعيشون على الزراعة، وقد قاموا في الشرق بقطع الغابات لتوفير الأراضي الزراعية. وبعد أن دمروا الغابات وما تحتها لم يعد في وسع الحيوانات البحرية أن تعيش في المنطقة. وقتل الصيادون البيض في الغرب ألوف الجواميس البرية لمجرد الحصول على جلودها، فكان على الهنود أن يختاروا بين الهجرة إلى أراضٍ جديدة تحتلها قبائل هندية أخرى معادية أو أن يحاربوا من أجل المحافظة على أراضيهم. وقد أدركوا أن البيض يهددون حياتهم وأمنهم عندما وجدوهم يتنافسون للحصول على الأراضي. وكان اللوم يقع على الطرفين؛ إذ أنكر البيض حقوق الهنود وكانوا يرون أنهم قوم متوحشون. وبالمقابل، فإن الهنود لم يكونوا يتفهمون طريقة المستعمرين في تنظيم بعض الأمور؛ فمثلاً، عندما كان الهنود يوقعون على صك لبيع أراضيهم فإنهم كانوا يعتقدون بأنهم يؤجرون تلك الأراضي ولا يبيعونها، لذلك كانوا يعودون إليها لأجل الصيد ولايعترفون ببيعها لمجرد أن زعيمهم وضع بعض الخطوط على قطعة من الورق.
وفد الأوروبيون بأعداد غفيرة، ومعهم عائلاتهم، وسرعان ما فاقوا الهنود عددًا، واغتصبوا أراضيهم، ودفعوهم غربًا. فلما جاء الأوروبيون إلى ما يعرف الآن بالولايات المتحدة كان بها نحو مليون هندي، ولكن الأمراض، والخمور القوية وما يقارب 300 عام من الحروب المستمرة قلّصت ذلك العدد إلى نحو 237,000 في عام 1900م.
________________________________________
سنوات الاستعمار
كانت العلاقات في بداية الأمر جيدة بين الإنجليز والهنود. وتعامل الإنجليز مع الهنود كقوى مستقلة واشتروا منهم الأراضي بموجب معاهدات، غير أن انعدام الثقة كان ينمو بين الطرفين تدريجيًا وأدت الحوادث الصغيرة إلى نشوب الحرب بينهما.
قام وين أنطوني المجنون بإجراء المفاوضات التي أدت إلى التوصل لمعاهدة جرينفيل في سنة1795م، بعد مرور عام واحد على الانتصار الذي أحرزه البيض في معركة فولن تيمبرز. تخلى الهنود عن مناطق واسعة من الأرض في منطقة جنوبي أوهايو وأخذت موجة جديدة من المهاجرين تتوجه إلى تلك المنطقة. وقد قام أحد الأعضاء من جماعة وين برسم هذا المنظر.
مستعمرة جيمستاون. استقر المستعمرون الإنجليز في جيمستاون سنة 1607م. وكانت علاقاتهم جيدة مع رئيس قبيلة الهنود المجاورة باوهاتان. غير أن المشاكل بدأت بعد وفاته وتسلم خلفه أوبيجانكانوف رئاسة القبيلة. فبدأ الرئيس الجديد بالتهيؤ للحرب، وقاد حملة مفاجئة على البيض سنة 1622م، وقتل منهم المئات، وتقهقر الباقون إلى جيمستاون حيث باشروا التخطيط للقيام بمذبحة بين الهنود، فدعوهم للعودة إلى المنطقة لزراعة الأرض، ثم هجموا عليهم ودمروا مزارعهم، وقتلوا الكثيرين منهم، وتعرض الباقون منهم إلى المجاعة. وقد استمرت هذه الحروب لمدة 12 سنة. وأعاد أوبيجا نكانوف الكّرة سنة 1644م وقتل من الإنجليز أكثر من 300 شخص، ولكن الهنود انهزموا في نهاية الأمر.
حرب بيكووت. (1637). كان المستعمرون الإنجليز في منطقة نيو إنجلاند يخشون بأس قبيلة بيكووت الهندية في وادي نهر كونكتيكت. وبسبب نزاع على مقتل أحد الإنجليز، انتقم المستوطنون من الهنود بإحراق إحدى قرى تلك القبيلة. فتجمع الهنود بقيادة رئيسهم بينما انضمت إحدى قبائل الهنود إلى المستوطنين فهجموا معًا على قرية قرب ويست ميستيك في الخامس من يونيو سنة 1637م وأحرقوا نحو 700 هندي؛ ومن ثم قبض المستعمرون على معظم من تبقى من الهنود وعرضوهم للبيع بسوق النخاسة في برمودا.
حرب الملك فيليب (1675-1676م).كان رئيس قبيلة وامبانواج صديقًا حميمًا للمستعمرين في منطقة بليموث. غير أن هؤلاء كانوا قد تعاملوا مع ولديه الإسكندر (دامسوتَّال) وفيليب (ميتاكوميت) بقسوة. فعندما خلف فيليب أباه بعد وفاته في رئاسة القبيلة سنة 1662م بدأ بالتخطيط للهجوم على المستعمرين. وكان يرى أنه لا خلاص لقومه إلا بطرد البيض من المنطقة. قاد فيليب حملة على سوانزي وأدت هذه المعارك إلى خسائر جسيمة بين الطرفين، وقبض البيض على زوجة فيليب وابنه وعرضوهما للبيع في سوق النخاسة. ثم جاءت قوات نيو ـ إنجلاند التي تغلبت على الهنود. وهرب فيليب ولكنه قتل بعد ذلك. غير أن المعارك استمرت في نيوإنجلاند الشمالية إلى سنة 1678م.
ثورة بيوبلو. (1680-1692م).حدثت ثورة هنود بيوبلو ضد المستوطنين الأسبان الذين كانوا قد استقروا فيما يسمى الآن بمنطقة أريزونا ونيومكسيكو. وكان السبب هو منع الجنود والقساوسة الأسبان للهنود من ممارسة عباداتهم الخاصة وإخضاعهم لنظام سخرة يماثل الاسترقاق. فأدى ذلك إلى قيام الهنود بقيادة بوبي من سانت خوان بالهجوم على عدد من المستوطنات الأسبانية وقتلهم الكثيرين ومحاصرتهم بعضهم الآخر في منطقة سانتا في. وأصبح بوبي سيد منطقة نيو مكسيكو. وقد جرت هذه الحوادث خلال الفترة من سنة 1680 إلى 1692م، وبعدها استرد الأسبان المنطقة.
الحروب الهندية الفرنسية. (1689-1763م). اتسمت الفترة بين سنتي 1689و 1763م بنزاع مستديم بين البريطانيين والفرنسيين للاستحواذ على أمريكا الشمالية. وكان كل طرف منهما يتقرب إلى بعض القبائل الهندية برشاوى الخمر والسلاح لاستعدائهم ضد الطرف الآخر .
على الحدود
إثر اندفاع المستوطنين الشديد نحو الغرب، حاول البريطانيون والفرنسيون إنهاء مشكلة الهنود بتخصيص منطقة خاصة بهم بعيدًا عن المستوطنين البيض المتكالبين على الأراضي. غير أن ذلك لم يَحل دون اندفاع البيض نحو تلك الأراضي. ولما استقلت الولايات المتحدة أصدر مجلس النواب الأمريكي قانونًا ينص على تهجير الهنود إلى منطقة معينة تقع غرب المسيسيبي.
حرب اللورد دنمور. (1774م). في سبعينيات القرن الثامن عشر الميلادي، قامت القبائل الهندية من الوادي الجنوبي لنهر أوهايو بغارات على المستوطنين والتجار الذين استقروا في أراضيهم، فأرسل إليهم اللورد دنمور حاكم كنتاكي قوة مؤلفة من ثلاثة آلاف رجل، فاضطر الهنود إلى ترك أراضيهم الواقعة جنوب نهر أوهايو.
بعد مرور حوالي 15 سنة، حاول تيكومسيه زعيم قبيلة الشوني الهندية، تنظيم حلف جديد ضد البيض، واستطاع الحصول على تأييد كثير من القبائل لقضيته، فقام هنري هاريسون حاكم إنديانا بتنظيم ميليشيا خاصة تحركت نحو قرية للهنود، فهجم الهنود فجر يوم 7 نوفمبر عام 1811م على تلك القوات، واشتبك الطرفان في معركة ضارية انتهت بهزيمة القوات الهندية مع شروق الشمس. وقد استغل هاريسون هذا الانتصار في معركته لانتخابات الرئاسة التي جرت بعد 29 سنة من ذلك التاريخ، وفاز فيها برئاسة الولايات المتحدة.
التحق كثير من القبائل المتحالفة مع تيكومسيه بالبريطانيين، وحاربوا الأمريكيين وأجبروهم على التقهقر شرقًا بعد مذبحة فورت ديربورن سنة 1812م، غير أن مقاومة الهنود قد أخفقت في معظم المناطق بعد موت تيكومسيه. وتخلى البريطانيون عن مناطقهم في السنة التالية. وكانت آخر حروب الهنود هي حرب بلاك هوك التي جرت سنة 1832م. وكانت هذه محاولة فاشلة جرت لاستعادة إحدى القرى من قبل هنود سوك وفوكس. وقد اشتهرت بسبب اشتراك إبراهام لنكولن فيها وإن لم يشهد قتالاً. وتعرف المنطقة حاليًا باسم روك آيلند.
الموت في السهول
الرواد الأوائل على عربات الخيول يتجولون عبر السهول الكبرى ويشتبكون في معارك ضارية مع هنود المنطقة الذين يهاجمونهم.
قامت الحكومة بنقل الهنود إلى ما وراء نهر المسيسيبي كمنطقة محددة لهم بين نهر ميسوري وإقليم أوريجون بموجب معاهدة. وقد اعتبر الأمريكيون هذه المنطقة قاحلة وغير صالحة للزراعة. غير أن الرواد الذين شاهدوا المنطقة في طريقهم نحو الجنوب الغربي وكاليفورنيا وأوريجون سرعان ما أصبحوا يطمعون في الاستحواذ على تلك الأراضي المخصصة للهنود. واكتشف بعضهم فيها معدني الذهب والفضة. وبدأت الحكومة في شراء أجزاء من الأراضي من الهنود في خمسينيات القرن التاسع عشر، ودفعت الهنود إلى مناطق محددة لهم على امتداد الغرب. وقد كافح الهنود في سبيل الحفاظ على مناطق الصيد العائدة لهم وعدم الاقتصار على العيش في المناطق المحددة لهم من قبل الحكومة. وكان هنود الغرب يمتلكون الجياد، وقد أعجب المستوطنون بشجاعتهم. لكن على إثر المعارك الضارية التي خاضوها ضدهم فإنهم انقلبوا عليهم قائلين إن أفضل الهنود هو الهندي الميت.
حرب السيوكس. (1854-1890م). على إثر المناوشات الصغيرة التي جرت في فورت لارامي، بدأت حروب السيوكس التي استمرت بين سنتي 1854 و1890م. وفي سنة 1862م، قاد ليتل كرو حملة في منطقة مينيسوتّا وارتكب الهنود مجزرة قتلوا أثناءها مئات من المستوطنين في نيو أولم قبل أن تصل إليهم القوات الحكومية وتسيطر على الوضع.