قامت الحضارة الصينية القديمة في وديان الأنهار الثلاثة وهي النهر الأصفر ويسمى بالصيني (هوانج) وتعني النهر الأصفر بالصيني والنهر الأزرق (يانغ تشي كانغ) والنهر الجنوبي المسمي (سي كيانغ) حيث وجدت بقايا الإنسان القديم وتعود إلي نحو 400000 سنة حيث كان يعيش على الصيد ثم الزراعة والصيد وقد عثر علماء الآثار على ألاف الكشوف التي ترجع إلى عصر يتراوح بين 8000-6000 ق.م. هذه النقوش كانت لأشخاص و حيوانات تعيش في المنطقة.
مرت الحضارة الصينية بمراحل تاريخية مهمة:
في عهد سلالة شانغ Shang 2765-1122 ق.م. سارت الصين إلى البرونز ثم إلي عصر الكتابة.
وكانت معبوداتهم في هذا الدور الأرواح المتعلقة بالقوة الطبيعية، كما عبدوا الأسلاف.
أما المرحلة الثانية فتبدأ من غزو القبائل التي أتت من غرب الصين و التي استقرت في النهر الأصفر متخذة من هاو Hao عاصمة لها. واقتبسوا من حضارة الدور السابق وحكموا ما بين 1122-256 ق.م. وأعطوا الحكم لرؤساء في المقاطعات، وتأسس في هذه الفترة نوع من الحكم الإقطاعي، وفي منتصف القرن الثالث ق.م. حصلت حروب كثيرة بين المقاطعات لأجل السيطرة، فنجحت مقاطعة تشين Chin في توحيد البلاد وأعطت اسمها لبلاد الصين كلها.
واعتقد الصينيون أن كتاباتهم من أصل إلهي، وهي بلا أبجدية، فلكل كلمة أو فكرة إشارة خاصة، والأدب الصيني في هذا العصر، سمي بالأدب الكلاسيكي، ولقد جمعت المؤلفات الهامة لهذا العصر في مجموعة تسمى (كتب كونفوشيوس) وهذه الكتب هي:
أولاً: "كتب التغيرات" وهو كتاب تنبؤ وتنجيم و"كتاب التاريخ" وهو مجموعة وثائق، و"كتاب الشعر" انتقاه كونفوشيوس، و"كتاب المراسم" أو القواعد المتعلقة بالسلوك.
الديانة الكونفوشيوسية:
عاش كونفوشيوس ما بين 551-478 ق.م. فهو كونغ فوتزو Kung Fu Tzu، أي قونغ الفيلسوف أو المعلم، عين حاكما على مقاطعة لو Lu ثم أصبح وزيراً فكان مثال العدل والنظام، ثم أصبح معلماً متجولاً متفرغاً للتعليم، ولم يكن مؤسس ديانة، إنما وضع قواعد شديدة للسلوك واللياقة.
وظهر من بعده فلاسفة منهم موتزو Mo Tzu الذي جعل البساطة والمحبة طريقاً لسعادة الإنسان ونشر الكونفوشيوسية في الصين منسيوس Mencius، أما هسون تسو Hsun Tzu فقد قال أن الطبيعة البشرية سيئة، وإن صلاح الإنسان هو نتيجة التعلم المكتسب، والتمرن على الصلاح.
الديانة الطاوية:
أسسها لاوتزو Lau Tzu، وكان معاصراً لكونفوشيوس، ومارسة السلوك المعروف باسم طاو Tao، ومبدأه يقوم على الزلة وعدم الاعتداد بالنفس، والكنوز الثلاثة هي: الرحمة، والبساطة، مع الاقتصاد والتواضع.
وقامت مناقشات حادة بين الكونفوشيوسية والطاوية، مع أن الصينيين ألهوا لاوتزو وكونفوشيوس فيما بعد، وانتقدت الطاوية الكونفوشيوسية التي نسيت العالم والطبيعة وتمركزت في الإنسان.
ولقد أصبحت الكونفوشيوسية الديانة الرسمية منذ أيام الإمبراطور ووتي Wuti 140-87 ق.م. وحتى عام 1912م، حيث أعلنت الجمهورية الصينية.
وعادت الوحدة بعد فوضى المماليك في عصر سلالة سوي Sui 588-618م وسلالة تانغ 618-906م. وكانت سياسة ملوك هذه الأسرة التسامح بالنسبة للديانات الثلاث الرئيسية في الصين التي دخلتها البوذية مع بداية القرن الأول الميلادي، وبالنسبة للديانات الأخرى الإسلام والمسيحية واليهودية...
العلوم في الحضارة الصينية:
كانت للحضارة الصينية منجزات عظيمة في مجال العلوم والصناعة والطب والفلك والمعمار، ففي مجال العلوم كتب الصينيون عن الخسوف وعن مجموعات من النجوم كما أوردوا ملاحظات على الضوء وعن المرايا بأنواعها المقعرة والمحدبة والمستوية، كما أدركوا النسبة الصحيحة في النحاس والقصدير.
أما في مجال الصناعة فقد اخترعوا حولي 105م الورق من قشر الشجر والقنب والخرق، وقد كانوا قبله يكتبون على الخيزران والحرير، والخيزران ثقيل والحرير غالٍ.
كما اخترع الصينيون البرود "نترات البوتاسيوم" واستعملوه في الأسلحة منذ نهاية القرن العاشر، ولما أخذه العرب عنهم قالوا عنه "ثلج الصين" وقد أخذه العرب عن الصينيين وقالوا عنه ملح البارود.
وقد اخترعوا البوصلة والطباعة حيث عرفوا الحروف المتحركة مذ عام 1041م، وتقدمت الكيمياء فعرفوا الحبر الأسود والحبر الأحمر، وأما في الرياضيات فقد حلوا بعض المعادلات المجهولة من الدرجة الأولى.
أما في المجال المعماري فقد اهتموا بالأنهار والترع، وبنوا سور الصين العظيم الذي انتهي بناؤه عام 214ق.م. في عهد الإمبراطور شيه هوانغ تي Shih Huang Ti ورمم في أوقات مختلفة. وارتفاعه ما بين 6-10 أمتار، وطوله 1400ميل.