المطلب الثالث:مبادئ و خصائص عقد التأمين
1- مبادئ التأمين:
يقوم عقد التأمين على مجموعة من المبادئ أهمها:
- مبدأ حسن النية:
يلتزم المتعاقدين بإدلاء بجميع البيانات التي عقد التأمين فيكون التصريح من طرف المؤمن لكل ما لديه من معلومات و الشروحات التي تخص عملية التأمين, أما المؤمن يجب أن يبين بوضوح شروط العقد و الاستثناءات, و عليه فحسن النية المتبادلة بين الطرفين هو جوهر العملية التأمينية و إخلال بهذا المبدأ يستلزم مباشرة بطلاق العقد,
- مبدأ المصلحة التأمينية:
يشترط في هذا المبدأ أن تقوم المصلحة التأمينية للمؤمن له و المؤمن و ذلك باستبعاد عنصر المغامرة من عملية التأمين, فيكون العنصر المؤمن واضح قابل للتضرر, و هذا ما يعكس الحفاظ على المصلحة المتبادلة بين طرفي العقد .
- مبدأ التعويض:
يستلزم هذا الأخير أن يوفي المؤمن بالتزاماته إزاء المؤمن له في حالة وفق الخطر المؤمن له, و يتمثل ذلك في دفع مبلغ التعويض و يطبق على هذا المبدأ في كافة عقود التامين بخلاف عقد تأمين الأشخاص.
- مبدأ المشاركة:
حسب هذا المبدأ يقوم المؤمن له بإبرام عقد التأمين أو عقود التأمين تخص موضوع تأمين واحد و لنفس الفترة لدى عدة شركات تأمين, بحيث تشترك هذه الأخيرة عند تحقق الخطر المؤمن ضده في دفع التعويض المستحق للمؤمن له وفقا لنسبة تأمينه أو بما يعادل القسط المحصل عليه.
2- خصائص التأمين:
يتميز عقد التأمين بمجموعة من الخصائص نذكر منها على سبيل المثال:
- عقد التأمين عقد رضائي:
يعني أنه لا ينعقد إلا بموافقة إدارتي طرفي العقد بالتوافق الإيجابي و القبول و يستلزم الإثباتات الكتابية علة وثيقة التأمين و يوقع من الجانبين.
- عقد التأمين عقد ملزم للجانبين:
في هذا العقد يأخذ الطرفين صفة الدائن و المدين في نفس الوقت, فالمؤمن له يلتزم بدفع الأقساط أما المؤمن يلتزم بتعويض الخسارة, فالتزام الأول يكون محققا بينما التزام الثاني يكون معلقا.
- عقد التأمين عقد معاوضة:
و نعني بذلك صفة التعويض التي تميز عقد التأمين فيدفع المؤمن له قسط مقابل تعويضه على الخطر في حالة وقوعه و يستقبل المؤمن الأقساط تعويضا لحمايته في حالة وقوع الخطر.
- عقد التأمين عقد إذعان:
و يعتبر هذا الأخير بأنه عقد تعسفي لأن في عقد التأمين هناك الطرف القوي الذي يملي شروطه, و ما على المؤمن له إلا الرضوخ أو الخضوع لهذه الشروط أو رفضها باستثناء التأمينات الإلزامية.
- عقد التأمين عقد قانوني:
بمعنى أن المشرع ينظم عقد التأمين في نصوص و أحكام قانونية يعمل بها في حالة نزاع أو خلاف قائم.
المطلب الرابع: أقسام التأمين:
ينقسم التأمين إلى قسمين أساسيين:
1- تقسيم التأمين من ناحية الشكل:
يعود هذا التقسيم إلى مشكل الهيئة التي تقوم بها عمليات التأمين و بالتالي ينقسم هذا التأمين إلى تأمين تعاوني و تأمين بأقساط محددة.
*التأمين التعاوني:
و هو ذلك التأمين التي تقوم به جماعة يتفق أفرادها على تعويض الأضرار التي قد تنزل بأحدهم نتيجة تحقق خطر معين و ذلك من مجموع الاشتراكات التي قد يلتزم كل فرد من الجماعة بدفعها و يتميز هذا النوع من التأمين بأن كل فرد في جماعة التأمين التعاوني يجمع في شخصه صفتي المؤمن و المستأمن, أي الاشتراك الذي يدفعه كل عنصر قابل للتغيير .
إن اجتماع صفتي المؤّمن و المستأمن في كل فرد من أفراد الجماعة يعتبر الخاصة المميزة, فالتأمين التعاوني لا يهدف إلى تحقيق ربح لأعضائه و إنما إلى توزيع الخسائر عليهم, فأعضاء الجماعة هم المستأمنون و هم الذين يدفعون التعويض لمن يصاب بخطر ما.
أن يكون الإشتراك الذي يدفعه كل عضو قابلا للتغيير, فإذا زادت التعويضات المطلوبة عن الإشتراك المجتمعة أمكن مطالبة الأعضاء بقسط تكملي لتغطية التعويضات, و إذا نقصت التعويضات المستحقة بنسبة الناقص من الاشتراكات. في هذا النوع من التأمين تقوم مسؤولية تضامنية بين أعضاء الجامعة بحيث يتحمل الموسر منهم نصب المعسر, و نظرا لخطورة هذه الخاصية التي قد تدفع الأفراد إلى عدم الإقبال على هذا النوع من التأمين, فإن هذه الهيئات لجأت إلى تحديد حد أقصى لا يتجاوز مسؤولية العضو.
* التأمين بأقساط محددة:
يتعهد المؤّمن بأن يدفع التعويض المالي عند تحقق الخطر, و ذلك مقابل أقساط محددة يلتزم المؤمن بدفعها و خصائص هذا النوع من التأمين عكس خصائص النوع السابق ففيه استقلال لشخصية المؤّمن عن شخصية المستأمن و فيه يتحدد القسط و التعويض المالي مقدما.
في هذا النوع من التأمين تستقل شخصية المؤمن عن شخصية المستأمن كما قلنا سابقا بالمؤمن هم جماعة المساهمين الذين تمثلهم شركة التأمين و في مواجهتهم جمهور المستأمن الذين يلتزمون بدفع الأقساط, فإذا زادت الأقساط المدفوعة عن قيمة التعويضات كانت الزيادة ربعا للشركة و لا يستطيع المستأمنون المطالبة بها.
يحدد هذا النوع القسط مقدما فيعرف المستأمن وقت إبرام العهد مقدار ما سيدفعه من أقساط و الشركة هي التي تحدد الأقساط وفق أسس علمية (جداول الإحصاء التي لديها).
و أخيرا فإن مقدار ما يلتزم به المؤمن عند تحقق الخطر يتحدد أيضا وقت إبرام العقد سواء كان ذلك بتحديد إلتزام المؤمن بمبلغ معين كما في حالات التأمين على الحياة أو بوضع حد أقصى لا يتجاوزه إلتزام المؤمن كما في التأمين في الأضرار.
2- تقسيم التأمين من ناحية الموضوع:
إتفق أغلب فقهاء التأمين على تقسيم التأمين من حيث الموضوع إلى تأمين بحري و بري و جوي, و ينقسم التأمين البري إلى تأمين اجتماعي و تأمين خاص و التأمين البري الخاص ينقسم بدوره إلى تأمين على الأشخاص, و تأمين على الأضرار, و سنقوم بشرح ذلك بالتفصيل:
* التأمين البحري و البري و الجوي:
أساس هذا التقسيم هي طبيعة المخاطر المؤمن منها و هو أول تقسيم يجب إجرائه للتمييز بين التأمين البري الذي ينهي إليه التأمين على الحياة و غيره من أنواع التأمين.
فالتأمين البحري هو أقدم أنواع التأمينات ظهورا, و يهدف إلى تغطية مخاطر البحر, أي مخاطر السفينة و ما تحملها, أما الأشخاص فلا يدخلون في التأمين.
أمّا التأمين البري فهو التأمين الذي يغطي كل المخاطر الأخرى التي لا تدخل تحت أيّ نوع من الأنواع الثلاثة السابقة.
* التأمين الخاص و التأمين الإجتماعي:
التأمين الخاص الذي يؤمن الشخص الإحتياط للمستقبل و يؤمن لنفسه أو لذويه, أمّا التأمين الإجتماعي هدفه تحسين حالة طبقة اليد العاملة أي تأمين أفرادها ضد ما يتعرضون له, و دفع هذا التأمين لرغبة الدول في مساعدة الصحة الشغلية, لأنهم أكثر تعرض للخطر و الأضرار و لهذا تجعله الدول إجباريا لتحقيق سياسة اجتماعية عادلة.
* التأمين على الأضرار و على الأشخاص:
التأمين على الأضرار يهدف إلى تعويض المستأمن على الضرر الذي أصاب ذمته المالية نتيجة خطر معين. أمّا التأمين على الأشخاص هو تعهد للمؤّمن بأن يدفع للمستأمن و إلى شخص آخر مبلغا من النقود أو إيراد مرتبا عن تحقق حادثة متعلقة بشخص هذا الأخير كالوفاة أو المرض و ذلك مقابل قيام المؤمن له بدفع أقساط دورية معينة.
المبحث الثاني: أنواع و عناصر التأمين و مدى تأثيرها على النشاط الإقتصادي:
يعتبر التأمين أداة لحماية أصحاب المشاريع الإقتصادية لمواجهة الخسائر المفاجئة التي تظطرهم إلى زيادة أسعار السلع, مما يعمل على اختلال التوازن في تكلفة السلعة و بالتالي على نظام الأسعار التي يعتبر بدوره عاملا من عوامل حفظ التوازن في الإقتصاد الكلي. و تختلف أهميته الإقتصادية للتأمين باختلاف أنواعها, فالتأمين في المشاريع الإقتصادية له أهمية بالنسبة للمصلحة الفردية و العامة لإعطاء الطمأنينة للإستثمار الوطني و عليه الحفاظ على النمو الإقتصادي المستثمر. وهذا كله بفضل الدور الديناميكي الذي يقدمه التأمين الإقتصادي من ضمانات لازمة لرأس المال عكس ما نجده في التأمين على الحياة, فهو ينعكس بصفة إيجابية على الجانب الإجتماعي و مدى تحقيق الطمأنينة و الترابط العائلي لذا فإن اختلاف تأثير التأمين على النشاط الإقتصادي يكون حسب تنوع التأمين وعناصره.
المطلب الأول: عناصر التأمين
يندرج ضمن عناصر التأمين كل من الخطر المؤمن منه و مبلغ القسط الذي يدفعه المؤمن له للمؤمن.
1- الخطر:
الغرض من عقد التأمين هو تأمين شخص من خطر يهدده أو من حادث يحتمل وقوعه, فلذلك كان الخطر هو العنصر الأساسي الذي يقوم عليه عقد التأمين, فإذا زاد الخطر بطل عقد التأمين, و لهذا الأخير عدة تعاريف في مجال التأمين:"فهو حادث مستقبلي يحتمل الوقوع, لا يتوقف على إدارة أي من الطرفين".
كما تندرج عدة أنواع من الأخطار أهمها:
- الخطر الثابت و الخطر المتغير:
فالتأمين على الحريق هو التأمين من خطر ثابت لأن إحتمالات تحققه واحدة خلال مدة ثابتة سواء يكون الحريق أو لا يكون. أمّا التأمين على الحياة فهو خطر متغير لأنه يواجه هذا الخطر في مراحل متغيرة من حياته لأن المدة غير ثابتة.
- الخطر المعين و الخطر الغير معين:
يكون الخطر المعين إذا كان المحل الذي يقع عليه قد تحقق شخصا كان أو شيئا معينا وقت التأمين. أما الخطر غير المعين فيكون إذا كان المحل الذي يقع عليه تحقق غير معين وقت التأمين, و إنما يتعين وقت تحقق الخطر.
2- القسط:
يعتبر القسط المقابل الذي يلتزم المؤمن له بدفعه من أجل تغطية الخطر الذي يأخذه المؤمن على عاتقه و القسط عنصر جوهري في عقد التأمين و ذلك لما له من أهمية.
و يعتبر القسط في نظر المشرع بمثابة ثمن الخطر أو تعبير عن الخطر بقيمة مالية, و يتكون القسط مما يلي:
- القسط الصافي:
وهو مقابل الخطر الذي يغطيه و يتوقف قيمته على درجة احتمال وقوعه و مدى جسامة ما يقع من خسارة.
- علاوة القسط:
يسعى المؤمن دائما إلى تحقيق ربح, ولذلك فإن علاوات القسط تحتوي على نفقات اكتتاب العقود و نفقات الإدارة و الضرائب, بالإضافة إلى هامش الربح لأن المؤمن في حد ذاته يعتبر تاجرا.